قال المصنف رحمه الله: "وقال الآخرون: يجوز أن يقع من الملائكة من مداومة الطاعة، وتحمل العبادة، وترك الونى والفتور فيها ما يفي بتجنب الأنبياء شهواتهم" يعني به: ما يوازيه ويزيد عليه "مع طول مدة عبادة الملائكة"، ومداومتها على الطاعة، وإتقانها للعبادة، فلا يعتريها النقص أو الخلل أو الدخل، بخلاف بني آدم فقد يضعف، وقد ينسى، وقد يقصر، والعمر محدود، بينما الملائكة طاعتها دائمة؛ كأنهم أجابوا على القول بتفضيل الأنبياء على الملائكة. قال: "ومنه أن الله جعل الملائكة رسلاً إلى الأنبياء، وسفراء بينه وبينهم" وهذا يدل على تفضيل الأنبياء؛ لأن الله تعالى جعل الملائكة رسلاً إليهم، إذاً هم أفضل. قال: "وهذا الكلام قد اعتل به من قال: إن الملائكة أفضل واستدلالهم به أقوى، فإن الأنبياء المرسلين إن ثبت تفضيلهم على المرسل إليهم بالرسالة ثبت تفضيل الرسل من الملائكة إليهم عليهم؛ فإن الرسول الملكي يكون رسولاً إلى الرسول البشري" إذا قلنا: إنه أفضل من المرسل إليه، ومعلوم لدينا أن الرسل أفضل من أممهم وأقوامهم، فيكون الرسول الملكي أفضل من الرسول البشري، لأنه لا دليل لمن يفضل الأنبياء على الملائكة، بل الدليل كأنه توجه لمن يفضل الملائكة على الأنبياء.